رابعا: أوجه التطابق الهندسى بين الحرم القدسى والكعبة المشرفة:
ربط القرآن الكريم فى الآية الأولى من سورة الاسراء بين المسجد الحرام (الكعبة المشرفة) والمسجد الأقصى الشرعى (الحرم القدسى)، كما أن السنة النبوية قد ربطت بينهما أيضا حيث أكدت على أن المسجد الحرام هو أول مسجد وضع فى الأرض وأن المسجد الأقصى هو ثانى مسجد وضع فى الأرض، وأن الفترة بينهما هى أربعين سنة، من أجل ذلك كان البحث عن وجود أى تشابه من ناحية الخصائص الهندسية بين المسجدين.
وبما أننا قد قمنا بدراسة الشكل والنسب الهندسية للمسجد الأقصى الشرعى (الحرم القدسى)، فبنفس الأسلوب قمنا بدراسة الخصائص الهندسية للكعبة المشرفة، كما رفع قواعدها سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل كما ورد فى القرآن الكريم.
فقد أورد عالم الآثار الانجليزى "كريزول" فى كتابه الشهير "الآثار الاسلامية الأولى"، مقاسات الكعبة الأصلية حسب رواية ابن هشام وحسب رواية الأزرقى،، شكل (7)، ان أطوال أضلاع الكعبة الأصلية هى على التوالى كما يلى:
• الضلع الشمالى الشرقى 32 ذراعا.
• الضلع الشمالى الغربى 22 ذراعا.
• الضلع الجنوبى الغربى 31 ذراعا.
• الضلع الجنوبى الشرقى 20 ذراعا.
شكل (7): مسقط أفقى للكعبة المشرفة كما رفع قواعدها سيدنا ابراهيم. (من رسم المؤلف).
وهو مايعنى أنه لايوجد ضلع من أضلاع الكعبة الأصلية يساوى أى من أضلاعها الأخرى، كما أنه لايوجد ضلع يوازى أى ضلع آخر، وهذه هى سمات الأشكال ذات الأربعة أضلاع التى يطلق عليها من ناحية توصيف الشكل الهندسى بالأشكال "المنحرفة" أو "مختلفة الأضلاع"، وهذا يعنى أن التوصيف الهندسى لشكل المسقط الأفقى للكعبة المشرفة يتطابق تماما، مع نفس التوصيف للشكل الهندسى للحرم القدسى الشريف، وهذا هو أول وجه من أوجه التطابق الهندسى بينهما.
وجدير بالذكر هنا ان نشير الى أن مقاسات الكعبة الأصلية كما وردت فى كتاب الأزرقى "أخبار مكة"، كما رفع قواعدها سيدنا ابراهيم، تختلف عن مقاسات الكعبة الحالية، والتى تنقص عدة أذرع من جهة حجر اسماعيل منذ أن جددت قريش بنائها.
وبناء على التحليل الهندسى للمقاسات الأصلية لمبنى الكعبة المشرفة، كما بناها سيدنا ابراهيم عليه السلام فقد تم التوصل لما يلى:
* النسبة المتوسطة ما بين عرض مبنى الكعبة الى طولها هى 1: 1.50.
* النسبة الحقيقية بين حائط الكعبة بين الركنين الأسود واليمانى الى حائط الكعبة مابين الركنين الأسود والعراقى هى 1: 1.60 وهى تتطابق مع النسبة الذهبية، شكل (. ان النتائج السابقة توضح مدى التشابه بل والتطابق الهندسى بين الحرم القدسى والكعبة المشرفة، كما رفع قواعدها سيدنا ابراهيم وولده اسماعيل، انظر جدول رقم (1).
شكل (: النسب الهندسية الحقيقية لمقاسات الكعبة تتطابق مع النسبة الذهبية. (من عمل المؤلف) جدول رقم (1): التشابه والتطابق الهندسى بين المسجد الأقصى الشرعى (الحرم القدسى) والكعبة المشرفة بمقاساتها الأصلية (من دراسة المؤلف).
<table style="BORDER-COLLAPSE: collapse" borderColor=#111111 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="68%" border=1><tr><td align=middle width="27%" bgColor=#ccffcc>أوجه التشابه والتطابق الهندسى.</TD>
<td align=middle width="33%" bgColor=#ffffcc>المسجد الأقصى الشرعى
(الحرم القدسى) </TD>
<td align=middle width="40%" bgColor=#ffffcc>الكعبة المشرفة
(المقاسات الأصلية) </TD></TR>
<tr><td align=middle width="27%" bgColor=#ccffcc>الشكل الهندسى</TD>
<td align=middle width="33%">مختلف الأضلاع.
(من الأشكال النادرة الاستعمال) </TD>
<td align=middle width="40%">مختلف الأضلاع.
(من الأشكال النادرة الاستعمال)
</TD></TR>
<tr><td align=middle width="27%" bgColor=#ccffcc>النسبة الهندسية المتوسطة.</TD>
<td align=middle width="33%">1: 1.59</TD>
<td align=middle width="40%">1: 1.50</TD></TR>
<tr><td align=middle width="27%" bgColor=#ccffcc>النسبة الهندسية الحقيقية</TD>
<td align=middle width="33%">1: 1.67
(تقريبا النسبة الذهبية) </TD>
<td align=middle width="40%">1: 1.60
(تقريبا النسبة الذهبية) </TD></TR></TABLE>
ان نتائج الجدول السابق توضح أن الشكل الهندسى لكل من المسجد الأقصى الشرعى والكعبة المشرفة، هو الشكل المختلف الأضلاع وهو من الأشكال النادرة الاستعمال فى مجال التصميم المعمارى للمبانى، لأن هذا الشكل لايوجد فيه ضلع يساوى أو يوازى أى من الأضلاع الأخرى لنفس الشكل، كما أن النسب الهندسية لكل من المسجدين تقريبا متطابقة وتتساوى مع "النسبة الذهبية"، والتى تعتبر من أجمل النسب الهندسية على الاطلاق.
فهل يمكن اعتبار هذا التطابق الهندسى من ناحية الشكل أو النسب الهندسية مصادفة؟،.. أم أن هذا التطابق الهندسى يوضح مدى الارتباط المادى مابين المسجد الأقصى المبارك والكعبة المشرفة، والذى ربط بينهما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وهو مايؤكد على الهوية الاسلامية للمسجد الأقصى المبارك بما لايدع مجالا للشك وبخاصة أن قبلته تتجه لمكة المكرمة، حتى من قبل الفتح الاسلامى لبيت المقدس بعدة قرون كما أوضحنا من قبل.